Academia.eduAcademia.edu
المدخل المؤسسي في تحليل النظام السياسي (نموذج المؤسسة العسكرية التركية) ‏دلشاد‮ ‬محمود‮ ‬صالح‮ ‬بابلا/‮ ‬طالب‮ ‬دكتوراه/‮ ‬العلوم‮ ‬السياسية المقدمة يعتبر هذا المدخل من أقدم المداخل المستخدمة في دراسة الظواهر السياسية، بموجبه فإن النظام السياسي هو مرادف لنظام الحكم، فهي مجموعة المؤسسات التي تبين نظام الحكم وأساليب ممارسة السلطة وطبيعتها، ودستور الدولة العرفي أو المكتوب هو الذي يوضح النظام السياسي، من ثم، تنحصر الدراسة هنا في اطار قانوني شكلي يتعلق بالدولة وأركانها وشكلها وأنواع الحكومات وأساليب اسناد السلطة ‮ ‬انظر،‮ ‬د.‮ ‬كمال‮ ‬المنوفي،‮ ‬نظريات‮ ‬النظم‮ ‬السياسية،‮ ‬وكالة‮ ‬المطبوعات،‮ ‬الكويت،‮ ‬1990،‮ ‬ص11.. هنا يعتبر القانون الدستوري تأطير لمظاهر الحياة السياسية، وهذه الأطر القانونية للظواهر السياسية يطلق عليها غالباً تعبير "المؤسسات السياسية" ‮ ‬انظر،‮ ‬د.عبد‮ ‬الرضا‮ ‬الطعاني‮ ‬ود.صادق‮ ‬الأسود،‮ ‬مدخل‮ ‬الى‮ ‬علم‮ ‬السياسة،‮ ‬وزارة‮ ‬التعليم‮ ‬العالي‮ ‬والبحث‮ ‬العلمي،‮ ‬جامعة‮ ‬بغداد،‮ ‬مديرية‮ ‬مطبعة‮ ‬جامعة‮ ‬الموصل،‮ ‬1986،‮ ‬ص381.. وربما كان البحث في نموذج المؤسسة العسكرية التركية داخل النظام السياسي التركي يمثل حالة تطبيقية مثلى في بلورة المدخل المؤسساتي من حيث استيفاء النموذج المذكور لقوائم المدخل التحليلية للنظم السياسية. - فرضية البحث تنطلق من اعتبار المدخل المؤسسي(بتطوره الحالي) مدخلاً ضرورياً في دراسة النظم السياسية حيث يلقي الضوء على جوانب مهمة من عمل النظام السياسي. - المنهجية: المدخل المؤسسي ومحاولة تطبيقه على نموذج المؤسسة العسكرية التركية كدراسة حالة. قمنا بتقسيم البحث الى قسمين كالتالي: القسم الأول يركز على المدخل المؤسسي في تحليل النظام السياسي من خلال أولاً:مفهوم المؤسسة بشكل عام وثانياً: مفهوم المؤسسة السياسية، وثالثاً: المدخل المؤسسي في تحليل النظم السياسية، والنقطة الرابعة يتعلق بالانتقادات الموجهة الى المدخل المؤسسي. أما القسم الثاني والتي هي نموذج المؤسسة العسكرية التركية فقد تطرقنا اليه على النحو التالي، أولاً: مفهوم المؤسسة العسكرية، ثانيا: المؤسسة العسكرية التركية قبل تأسيس الجمهورية، ثالثاً: المؤسسة العسكرية التركية خلال عهد الجمهورية. القسم الأول المدخل المؤسسي في تحليل النظام السياسي يعتبر المؤسساتية منهجاً مهماً في تحليل النظم السياسية خاصة في تطوراته الأخيرة من حيث الاستفادة من المداخل الاخرى في التحليل، لذلك ارتأينا بحث الموضوع من خلال النقاط التالية: أولاً- مفهوم المؤسسة: تعني هذه الكلمة ما يؤسسه الافراد في المجتمع، لذلك تختلف عما يوجد في الطبيعة من اشياء، حيث ان العائلة والحزب والدولة تعتبر مؤسسات خلاف الظواهر الطبيعية فهي لا تعتبر مؤسسات، وعلى ضوء ذلك يمكن تعريفها كتنظيمات اجتماعية وتعاون هذه التنظيمات يفتح الطريق لإدراك معنى التطورات في المجال الاجتماعي ‮ ‬انظر،‮ ‬المصدر‮ ‬السابق،‮ ‬ص‮ ‬ص381-382.، فالمؤسسات تنشأ من الحاجات الأنسانية الملحة حيث يفترض وجود مؤسسات تلبي تلك الحاجات، وتعدد الحاجات في المجتمعات تؤدي مؤسسات متعددة أيضاً، وتختلف المجتمعات في طرق إشباع الحاجات مما يؤدي أيضا إلى قيام مؤسسات مختلفة، بمعنى آخر تختلف المجتمعات في كيفية بناء مؤسساتها وأدائها لوظائفها وما يجمع الأفراد في مؤسسة واحدة هي المصلحة المشتركة التي توصف بالأستمرارية وبالوجود المتميز نوعا ما، بحيث إن خلافاتهم خارج هذه المصلحة المشتركة لا تكون عائقاً دون إتمام ما وافقوا عليه جزئياً لتكوين المؤسسة د.صادق الأسود،علم الأجتماع السياسي،أسسه وأبعاده،جامعة بغداد، بغداد،1990،ص ص282-283.. والمؤسسة الاجتماعية تعرف بأنها "شبكة هياكل واجراءات وقيم مشتركة في نظام اجتماعي مستمر فترة من الزمن ويعني بوظيفة اجتماعية او مجموعة وظائف" ‏‭ ‬جيوفري‭ ‬روبرتس‭ ‬وآخرون،‭ ‬القاموس‭ ‬الحديث‭ ‬للتحليل‭ ‬السياسي،‭ ‬ترجمة:سمير‭ ‬عبد‭ ‬الرحيم‭ ‬الجبلي،الدار‭ ‬العربية‭ ‬للموسوعات،‭ ‬بيروت،1999،ص216.‭ ‬، أي أن لكل مؤسسة ميثاق (القواعد واللوائح) وهيئة من الاشخاص أو الموظفين، ومعايير(القواعد الفنية) بجانب القواعد الأساسية في الميثاق، كما ان لهذه المؤسسة انواع من النشاط الاجتماعي تتميز عن انشطة المؤسسات الاخرى في المجتمع، ولها جهاز مادي يؤدي الوظيفة التي وجدت من اجلها المؤسسة، ولكل مؤسسة غاية تهدف إلى تحقيقها، كما أن تطبيقها يؤدي إلى نتائج ‏‭ ‬انظر،‭ ‬الدكتور‭ ‬حسن‭ ‬شحاتة‭ ‬سعفان،‭ ‬اسس‭ ‬علم‭ ‬الاجتماع،‭ ‬الطبعة‭ ‬العاشرة،‭ ‬دار‭ ‬النهضة‭ ‬العربية،‭ ‬القاهرة،‭ ‬1975-1976،‭ ‬ص‭ ‬ص77-78.‭ ‬. تتميز المؤسسة اجتماعية بخمسة عناصر هي: 1- العنصر البشري. 2- العنصر المعنوي المتمثل في القواعد الاخلاقية والآداب الانسانية (الإتجاهات والسلوكيات). 3- العنصر الرمزي المتمثل في الشعارات وعلم الدولة في النظام السياسي على سبيل المثال. 4- العنصر المادي ( المتمثل في الأدوات والاجهزة ). 5- العنصر الحركي المتمثل في استمرارية التغير ‏‭ د.صادق الأسود، مصدر سبق ذكره، ص ص280-281.‬. انطلاقاً مما سبق يمكن النظر الى المؤسسة الاجتماعية على أنها مجموعة الاعراف والعادات وانماط السلوك السائدة في مجتمع ما، والتي بمرور الزمن تأخذ شكل إجراءات وقواعد ثابتة، أي بمثابة سلطة معنوية تحدد وتوجه سلوك ونشاطات الأعضاء بما يتوافق والهدف المنشود أو المصلحة المشتركة للأعضاء أو الاحتياجات الاجتماعية لديهم من ناحية، وقدرة المؤسسة على التكيف مع المتغيرات بما يحفظ استقرارها وديمومتها من ناحية اخرى ‏‭ انظر، دلشاد محمود صالح، دور المؤسسة العسكرية في السياسة الداخلية التركية(1980-2002)، رسالة ماجستير غير منشور، جامعة صلاح الدين، كلية القانون والسياسة، اربيل، 2009، ص10.‬. وغالباً ما يتم التركيز في علم الاجتماع على أربعة مؤسسات رئيسية في المجتمع هي مؤسسات تنظيم العلاقة البيولوجية والمؤسسة الدينية والمؤسسة الاقتصادية والمؤسسة السياسية، وهذه المؤسسات تتفرع بدورها الى عدة مؤسسات وبنى ‎‮ ‬See,‮ ‬International‮ ‬Encyclopedia‮ ‬of‮ ‬the‮ ‬social‮ ‬sciences,‮ ‬op.cit.p.‮ ‬410.‮ ‬، إلا ان المؤسسة السياسية تعتبر الجزء الأهم في المجتمع ويعتبر المحرك للنظام الاجتماعي ككل ‮ د.شيرزاد احمد النجار في شرحه مادة النظم السياسية لطلاب الدكتوراه، جامعة صلاح الدين، كلية القانون والسياسة، قسم العلوم السياسية، الكورس الأول، السنة الدراسية 2010-2011. ‬. ثانياً- المؤسسة السياسية: تتعامل المؤسسات السياسية مع السيطرة على استخدام القوة في المجتمع والحفاظ على السلم الداخلي والخارجي وتعبئة المصادر لتحقيق الأهداف المختلفة، وتعتبر الدولة من أبرز المؤسسات السياسية التي تؤدي وظائف داخلية وخارجية للمجتمع حيث لا يمكن لغيرها أن يؤديها ‎‮ ‬See,‮ ‬International‮ ‬Encyclopedia‮ ‬of‮ ‬the‮ ‬social‮ ‬sciences,‮ ‬op.cit.p.‮ ‬410.‮ ‬. تشير المؤسسات السياسية تقليدياً الى أجهزة الدولة التي تمارس وظائف سيادية أي وضع القوانين وضمان تطبيقها واحترام النظام العام، وعندما يتم وصف البرلمان أو رئاسة الجمهورية أو المجلس المناطقي بالمؤسسة، هل يقصد بذلك أنهم أفراد ملتزمين في علاقات مضبوطة؟ تفترض اللغة الرائجة وجود فاعل جماعي نوعاً ما، ويتمتع هذه المؤسسة بعاداته السياسية ويؤدي الوهم الى آثار واقعية، فالمؤسسة السياسية هي مجرد بنية أرست فيها الاستقرار التفاعلات المرتبطة قانونياً أو ثقافياً ‮ ‬غي‮ ‬هرميه‮ ‬وآخرون،‮ ‬معجم‮ ‬علم‮ ‬السياسة‮ ‬والمؤسسات‮ ‬السياسية،‮ ‬ترجمة:‮ ‬هيثم‮ ‬اللمع،‮ ‬المؤسسة‮ ‬الجامعية‮ ‬للدراسات‮ ‬والنشر‮ ‬والتوزيع،‮ ‬بيروت،‮ ‬2005،‮ ‬ص‮ ‬ص381-382.. يعرف "رادكليف براون ‏Radcliffe Brown‮" ‬المؤسسة‮ ‬السياسية‮ ‬في‮ ‬كتابه‮(‬الأنساق‮ ‬السياسية‮ ‬في‮ ‬افريقيا‮) ‬بأنه‮ "‬ذلك‮ ‬الجزء‮ ‬من‮ ‬التنظيم‮ ‬الكلي‮ ‬الذي‮ ‬يهتم‮ ‬بحفظ‮ ‬وتوكيد‮ ‬النظام‮ ‬الاجتماعي‮ ‬ضمن‮ ‬اطار‮ ‬اقليمي‮ ‬محدد،‮ ‬وذلك‮ ‬بفضل‮ ‬الممارسة‮ ‬المنظمة‮ ‬لسلطة‮ ‬القهر‮ ‬عن‮ ‬طريق‮ ‬اللجوء‮ ‬الى‮ ‬القوة‮ ‬الفيزيقية‮"‬،‮ ‬وكما‮ ‬هو‮ ‬مبين‮ ‬فإن‮ ‬هذا‮ ‬التعريف‮ ‬ينطبق‮ ‬على‮ ‬المجتمعات‮ ‬التي‮ ‬تؤلف‮ ‬دولة.‮ ‬قدم‮ " ‬شابيرا‮ ‬Schapera‮" ‬تعريفاً‮ ‬أوسع‮ ‬حيث‮ ‬اعتبر‮ ‬المؤسسة‮ ‬السياسية‮ ‬على‮ ‬أنه‮ "‬احد‮ ‬مظاهر‮ ‬التنظيم‮ ‬الكلي،‮ ‬يهتم‮ ‬بتوكيد‮ ‬وحفظ‮ ‬التعاون‮ ‬الداخلي‮ ‬والاستقلال‮ ‬الخارجي‮"‬،‮ ‬هنا‮ ‬يرى‮ " ‬شابيرا‮ ‬Schapera‮" ‬انه‮ ‬عدا‮ ‬وظيفة‮ ‬المحافظة‮ ‬على‮ ‬الحدود‮ ‬الاقليمية‮ ‬ومحاربة‮ ‬العدوان‮ ‬الخارجي‮ ‬فإن‮ ‬الوظيفة‮ ‬الوحيدة‮ ‬الأخرى‮ ‬التي‮ ‬تشترك‮ ‬فيها‮ ‬كل‮ ‬صور‮ ‬الحكومات‮ ‬هي‮ ‬تنظيم‮ ‬وتوجيه‮ ‬التعاون‮ ‬داخل‮ ‬المجتمع ‮ ‬د.احمد‮ ‬ابو‮ ‬زيد،‮ ‬البناء‮ ‬الاجتماعي‮ ‬مدخل‮ ‬لدراسة‮ ‬المجتمع‮ ‬الأنساق،‮ ‬ط‮ ‬3،‮ ‬الهيئة‮ ‬المصرية‮ ‬العامة‮ ‬للكتاب،‮ ‬الاسكندرية،‮ ‬1979،‮ ‬ص‮ ‬ص‮ ‬469،‮ ‬473-474.. تنقسم المؤسسات السياسية الى المؤسسات-الهيئات(المؤسسات-الأشخاص) والمؤسسات–الأواليات، يقصد بالأولى المؤسسات التي تخلقها الإرادة الأنسانية وتضم مجموعات الأشخاص لممارسة النشاطات السياسية كالحكومة والبرلمان والاحزاب السياسية، ولها آيديولوجية معينة وحاجات مشتركة وقواعد ثابتة وسلطان معترف به ولها وجود متميز، أما الثانية فيقصد بها مجموعة القواعد والتنظيمات التي تنصب على سير العمل في المؤسسات الهيئات حيث تخضع الهيئات لهذه القواعد في القيام بعملها وأدائها لوظائفها انظر، د.صادق الأسود، مصدر سبق ذكره،ص ص280-281.، هنا لا بد من أن يكون هناك نوع من التلاؤم بين المؤسسة السياسية وعقلية الأشخاص المنتمين لها أي الذهنيات، فالمؤسسات تختار هذه الذهنيات بدقة لأنها ترتكز عليها عموماً، فإذا ما حدث أي خلل في الذهنيات تفتقر المؤسسة لقوتها مما قد يدخل المؤسسة مع الذهنية في مواجهة عنيفة، وعندما يكون التلائم بين الطرفين هو السائد، عندئذ يطغى على المؤسسة الالتزام بالقانون، لذلك فإن قدرة المؤسسة على ضبط الأفراد داخلها تعتبر من أهم صفات المؤسسات ‮ ‬انظر،‮ ‬،‮ ‬سوسيولوجيا‮ ‬السياسة،‮ ‬،‮ ‬ص‮ ‬ص31-33.، فالمؤسسة السياسية تعتبر الأهم بين المؤسسات الاجتماعية، وتتميز بأنها منشأة بصورة مقصودة وتعكس الارادة الجمعية لمنشئيها ومن ثم هي مجموعة القواعد والاجراءات التي تحكم الأعضاء المكلفين بانجاز أدوار سياسية معينة داخلها على أن تكتسب الثبات والاستمرارية وتكون على درجة من التكيف مع المتغيرات، والاستقلالية في العمل والتصرف، والتعقيد في البنى والوظائف، والتماسك داخل المؤسسة انظر، دلشاد محمود صالح، مصدر سبق ذكره، ص ص13-14.. يرى "رالف م.غولدمان" في هذا الاطار أن هناك ثلاثة أنواع من المؤسسات السياسية هي المؤسسة العسكرية والمؤسسة النيابية والمؤسسة الحزبية، ومن خلال العلاقة بين هذه المؤسسات يمكن معرفة درجة تأثير كل واحدة منها، ومن ثم معرفة ثقلها في المجتمع أو داخل النظام السياسي أنظر، رالف م.غولدمان، من الحرب إلى سياسة الأحزاب، التحول الحرج إلى السيطرة المدنية، ترجمة: فخري صالح، الدار الأهلية للنشر والتوزيع، عمان، 1996، ص ص12-13.. ثالثاً- المدخل المؤسسي في تحليل النظام السياسي: ظهر هذا المدخل في التحليل كرد فعل للمناهج التاريخية والمثالية والقانونية، انصب تركيز العلماء فيه على دراسة الحقائق السياسية كالمؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، كذلك دراسة القوى والإدارة والوظائف الخاصة بالرئيس ونظم الانتخابات والأحزاب السياسية والبيروقراطية، يتناول المدخل وفقاً ل"كابرييل ألموند وباول" النظام السياسي بمعنى الدولة ويقتصر على دراسة الجانب الرسمي والمؤسسات الموجودة فعلاً، كما يركز على شرح وتفصيل وصفي للمؤسسة انظر، د.نصر محمد عارف، إبستمولوجيا السياسة المقارنة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2002، ص ص204-205، انظر ايضاً، د. كمال المنوفي، مصدر سبق ذكره، ص ص 13-15.، يعود هذا المدخل بشكله التقليدي الذي ساد منذ بداية القرن العشرين وحتى الخمسينيات الى التقليد الذي هيمن على دراسة السياسة في بريطانيا وامريكا بداية القرن المنصرم، في هذه الفترة كان المختصون مهتمين في تحليلهم للنظم السياسية بالمؤسسات الرسمية للحكومة وكذلك الجوانب التي ذكرناه آنفاً. لكن في أواخر السبعينيات من القرن العشرين ظهر ما يسمى بالمؤسساتية الجديدة الذي تأثرت بالاتجاهات الحديثة في تحليل الظاهرة السياسية كالماركسية والبنيوية الوظيفية وفي مرحلة لاحقة الاتجاه السلوكي التي طمست آثار المؤسساتية التقليدية الباقية، حاول الاتجاه المؤسساتي الجديد إعادة الاعتبار لمؤسسات لبدولة بوصفها عناصر مهمة في تفسير والتنبؤ بالأفعال وبالظواهر السياسية وأبقت في الوقت نفسه على الكثير من مفاهيم المؤسساتية التقليدية كعناصر أساسية في التحليل، وبشكل عام رفضوا التركيز المبالغ به على الفعل السياسي الفردي باعتباره جوهر الظاهرة السياسية وأعتبار السلوك القابل للملاحظة وحده يمثل البيانات الأساسية التي يبنى عليها التحليل السياسي دون الرجوع الى المؤسسات الذي يحدث ذلك السلوك أو يتفاعل ضمنها انظر، د.رعد عبد الجليل مصطفى، محاضرات القي على طلاب الدكتوراه ضمن مقررات الكورس الأول، جامعة صلاح الدين-اربيل، كلية القانون والسياسة، قسم العلوم السياسية، السنة الدراسية2010-2011.. يتم على ضوء هذا المدخل عقد المقارنات بين المؤسسات داخل الدولة أو بين الدول من خلال التركيز على المحاور التالية: كيفية تكوين المؤسسة والهدف من تكوينها. طريقة تجنيد الأعضاء في المؤسسة. مراحل تطور المؤسسة أو نموها. اختصاصات المؤسسة حسب الدستور والقوانين. الثقل النسبي للمؤسسات. توزيع الأدوار بين أعضاء المؤسسة. التغير المؤسسي الذي تحكمه العوامل الاقتصادية او الاجتماعية او الثقافية او الذاتية. علاقة المؤسسة بالمؤسسات الاخرى في المجتمع انظر، د.نصر محمد عارف، مصدر سبق ذكره، ص ص204-205، انظر ايضاً، د. كمال المنوفي، مصدر سبق ذكره، ص ص 13-15.. يطرح هنتغتون أربعة معايير لقياس مستوى المؤسساتية في اي نظام سياسي وهي: التكيف بمعنى قدرة المؤسسة على مواجهة التغيرات البيئية الداخلية والخارجية، ويتمثل في تغيير الاشخاص والوظائف. التعقيد بمعنى ان تضم المؤسسة العديد من الوحدات الداخلية وان يكون لها أكثر من وظيفة مع تبني التخصص نسبياً. الاستقلالية بمعنى مدى حرية المؤسسة في العمل وهو يقاس عن طريق الميزانية المستقلة للمؤسسة ومدى حرية التصرف بها، وكذلك عن طريق شغل المناصب ومدى استقلال المؤسسة في تجنيد اعضائها. التماسك بين اعضاء المؤسسة والذي يظهر من خلال مؤشرات مثل مدى انتماء الاعضاء للمؤسسة، مدى وجود أجنحة داخل المؤسسة خاصة أثناء التغير القيادي ومدى وجود خلافات داخل المؤسسة وما إذا كانت هذه الخلافات تخص مبادىء واهداف المؤسسة أم تخص أمور هامشية( انظر، المصدر السابق، ص ص17-19 .). وبرزت ضمن هذا المدخل عدة تيارات اهتمت بالمؤسسات السياسية بشكل أو بآخر منها المؤسساتية التاريخية التي تشير الى مجموع التيارات المدخلية التي تضم ممارسي علم الاجتماع التاريخي وعلماء السياسة مثل "بيتر هول" ومناصري الخيار العقلاني مثل "بوبكن وليفي ولانج"، وكان قاسمهم المشترك هو إعادة تأهيل المؤسسات السياسية التي لا تتوجه الى شرحها بل الى تقييم تجريبي ومقارن لتأثيرها على المدى الطويل على المسارات السياسية التي تتبعها الأنظمة السياسية المعنية، أما المؤسساتية الحديثة فهي مجموعة نماذج تقوم على مبدأ أن المؤسسات بعد أن تنشأ تسلك مساراً يحدده منطقها الأصلي وتتحول الى متغيرات مستقلة نسبياً، فالمؤسسات تبني خياراتها السياسية على فترات طويلة جداً وإن تبدو قليلة التكيف مع محيطها على اعتبار أن تعديلها يستلزم تكلفة باهظة انظر، غي هرميه وآخرون، مصدر سبق ذكره،ص381-383.. رابعاً- الانتقادات الموجهة الى المدخل المؤسسي: تعرض المدخل المؤسسي للعديد من الانتقادات خاصة من انصار المدرسة السلوكية، وأهم هذه الانتقادات هي: لا يصلح المدخل لدراسة نظم الحكم في المجتمعات البدائية أو غير الغربية التي لا توجد فيها مؤسسات سياسية حديثة ورسمية، ومن ثم لا يستطيع ان يستوعب إلا ما يدخل في إطار النموذج الأوروبي للحكم انظر، د.نصر محمد عارف، مصدر سبق ذكره، ص ص205-206، انظر ايضاً، د. كمال المنوفي، مصدر سبق ذكره، ص 21.. ينبغي ان يتجاوز الدراسة الجادة لنظم الحكم الشكل المؤسسي الى معرفة كيف يتكون ويعمل النظام من الناحية الواقعية انظر، المصدر نفسه.، "ارثر بنتلي" الذي يعتبر احد الرواد في هذا المجال يرى انه عندما يهتم علم السياسة بالتشريع والادارة والقضاء والدستور، عليه ان ينظر الى ما وراء العنصر الشكلي من اجل العثور على المصالح الحقيقية التي يؤثر بعضها على البعض الآخر بوساطة من العنصر الشكلي وبأخذ كل الاعتبارات في الحسبان ومواجهة الوقائع القاسية من قبيل نجاح البعض في بسط إرادته والتحكم بسلوك الآخرين، لذلك فإن الحكومة تصبح موضوع علم السياسة أكثر من الدولة نفسها انظر وقارن، د.عبد الرضا الطعاني ود.صادق الأسود، مصدر سبق ذكره، ص215.. يغفل المدخل الأفراد أو الأشخاص الذين يعملون في المؤسسات وهذا غير ممكن لأنه يعد تسطيحاً للواقع، فالمؤسسة ما هي إلا أفراد يعملون وفق اطار معين انظر، المصدر السابق، ص ص21-22 .. يغلب الطابع الوصفي على هذا المدخل حيث يتم التركيز على الوصف الدقيق لتفاصيل النظام السياسي. التضييق الشديد في المقارنة والاقتصار على نظم الحكم الغربية في اوربا وإهمال النظم غير الغربية، وقد أدى استمرار هذا التجاهل الى غياب الدراسات عبر الثقافية والذي أفقد التحليل المقارن بعده الدولي. تركز هدف التحليل على قضية استمرار ودوام النظم السياسية وعدم تغيرها واهتمم بتطور المؤسسات تاريخياً فيما أغفل التغير أو الانقلاب. المحدودية المدخلية حيث لم يوجد فيه غير الأطروحات التقليدية، كما ان تكنيكات جمع واختبار وتصنيف المادة كانت غير متطورة وغير منظمة انظر، د.نصر محمد عارف، مصدر سبق ذكره، ص ص206-207.. بالرغم من الانتقادات هذه لا بد من الاقرار بأهمية الدراسة المؤسسية للنظم السياسية الذي يضفي قدراً لا بأس به من الشروحات القيمة بحيث يلقي الضوء بصورة أكبر على النظم السياسية وكيفية عملها، لكن ذلك لن يكفي لوحده إذ لا بد من الاستناد الى مناهج تحليلية أخرى تولي اهتماماً أكبر بالواقع السياسي والتفاعلات التي تجري بين قوى ومؤثرات أخرى غير الجوانب الرسمية، بمعنى أدق فإن كل المداخل التحليلية التي سبق هذا المدخل والمداخل اللاحقة له يعتبر مناهج مكملة لبعضها البعض عند تحليل النظام السياسي المعين أو في المقارنة بين الأنظمة السياسية المختلفة. القسم الثاني المؤسسة العسكرية التركية النظام السياسي التركي تعج بالمؤسسات المتعارضة والمتصارعة فيما بينها، والمؤسسة العسكرية من أقوى هذه المؤسسات بفعل عدد من العوامل والتأثيرات، ولتوضيح الفكرة نلقي الضوء على النقاط التالية: أولاً- مفهوم المؤسسة العسكرية: يعتبر المؤسسة العسكرية بشكل عام من أقدم المؤسسات التي عرفتها المجتمعات المنظمة وارتبط نشوئها بتطور الحروب وحالة العنف بين المجتمعات، وكلما أضحت المجتمعات أكثر تنظيماً إنعكس ذلك في أشكال متصاعدة من الفعالية العسكرية الأكثر تنظيماً أنظر، رالف م.غولدمان، مصدر سبق ذكره، ص38.، وأحد الهموم التي شغلت بال المجتمعات منذ القدم تمثل في حماية النفس والأرض من التهديدات والمخاطر الخارجية. إذ من الصعب تصور دولة، مهما كان حجمها أو قوتها، تسمح بفقدان سيادتها على أراضيها وإذا حصل ذلك فإنها قد تفقد أحد أهم العناصر التي تتكون منها الدول أي الأرض(الإقليم)، لذا كان واجب حماية الدولة والقيام بالدفاع الوطني يقع على عاتق الجيش أو القوات المسلحة ‏‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬مصدر‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬ص‭ ‬14.، والتي هي هيئة مؤلفة من أفراد مسلحين، ينتمون إلى تركيبات طبقية ذات مشاعر وروابط سياسية مختلفة، ولها نظام داخلي خاص من مجموعة القوانين والأنظمة، يمارس فيها الضباط دوراً شبه دكتاتوري ويصبح إطاعة القيادة عرفاً في القوات المسلحة، وهي تعتبر مؤسسة قسرية بيد الدولة لكن ذلك لا يعني أنها أداة بيد الحكومة، ويبقى مسألة إستعداد الجيش لأستخدام أسلحته ضد معارضي النظام السياسي القائم رهناً بالظروف الإجتماعية والسياسية ‏‭ ‬أنظر،‭ ‬جاك‭ ‬ووديز،‭ ‬الجيوش‭ ‬والسياسة،‭ ‬ترجمة:‭ ‬عبدالحميد‭ ‬عبدالله،‭ ‬مؤسسة‭ ‬الأبحاث‭ ‬العربية،‭ ‬مكان‭ ‬الطبع‭ ‬بلا،1982،ص‭ ‬ص23-25.‭ ‬، كما انها مؤسسة معقدة ذات منظومة مستقلة تجد تقريباً كل مواردها في داخلها نفسه ‏‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬المصدر‭ ‬السابق،‭ ‬ص17.، توصف على أنها مؤسسة متخصصة وهرمية، معزولة عن عامة السكان في ثكنات وبيوت خاصة، متأثرة بمحيطه ‏‭ ‬أنظر،‭ ‬جاك‭ ‬ووديز،‭ ‬المصدر‭ ‬السابق،‭ ‬ص23.‭ ‬. ويمكن القول أن المؤسسة العسكرية باعتبارها من ضمن المؤسسات السياسية فانها تتميز بخصائص تختلف عن المؤسسات الاجتماعية الأخرى، وربما كان من أبرز هذه الخصائص أنها تكونت بفعل إرادة جماعية كامنة في إراداة مؤسسيها، تحكمها القواعد والاجراءات العسكرية التي تفرضها على أعضائها المرتبطين ببعض برابط من علاقات الطاعة حسب التدرج الهرمي والإنضباط الشديدين، من أجل تحقيق الأهداف والوظائف المكلفة بإنجازها حسب دستور وقوانين الدولة والتي تتباين من دولة لأخرى حسب ظروفها الإجتماعية والسياسية ‏‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬مصدر‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬ص22.. ثانياً- المؤسسة العسكرية التركية قبل تأسيس الجمهورية: أسس الأتراك في عهد (‏METE‮) ‬تحت‮ ‬سلطة‮ ‬دولة‮ ‬الهون‮ ‬سنة‮ (‬209‮ ‬ق.م‮)‬،‮ ‬تشكيلات‮ ‬من‮ ‬الجيوش‮ ‬تستند‮ ‬على‮ ‬وحدات‮ ‬مؤلفة‮ ‬من‮ ‬فئات‮ "‬العشرة،‮ ‬المئة،‮ ‬الألف‮" ‬من‮ ‬الجنود،‮ ‬أي‮ ‬كانت‮ ‬تشبه‮ ‬نموذج‮ ‬الجيوش‮ ‬الحالية ‏‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ص14.،‮ ‬واستطاع‮ ‬العثمانيون‮ ‬تطوير‮ ‬نظام‮ ‬العسكرية‮ ‬لديهم،‮ ‬حيث‮ ‬تم‮ ‬تأسيس‮ ‬جيش‮(‬الانكشارية‮ ‬Yeniceri‮) ‬في‮ ‬عام‮ (‬1330م‮) ‬في‮ ‬عهد‮ "‬أورخان‮" ‬الأبن‮ ‬الثاني‮ ‬ل‮"‬عثمان‮ ‬بن‮ ‬أرطغرل‮" ‬مؤسس‮ ‬الدولة‮ ‬العثمانية،‮ ‬اضافة‮ ‬إلى‮ ‬جانب‮ (‬السباهية‮) ‬الفرسان‮ ‬الذين‮ ‬كان‮ ‬يتم‮ ‬جمعهم‮ ‬إبان‮ ‬الحروب،‮ ‬وكان‮ ‬أفراد‮ ‬هذه‮ ‬الفرق‮ ‬يختارون‮ ‬من‮ ‬خُمس‮ ‬الأسرى‮ ‬الذي‮ ‬هو‮ ‬من‮ ‬حق‮ ‬الدولة‮ ‬في‮ ‬أسرى‮ ‬الحرب‮ ‬أثناء‮ ‬الفتوحات،‮ ‬وكان‮ ‬أغلبهم‮ ‬من‮ ‬صغار‮ ‬السن،‮ ‬بالإضافة‮ ‬إلى‮ ‬أولاد‮ ‬النصارى‮ ‬الأيتام‮ ‬والمشردين‮(‬نظام‮ ‬الدفشيرمة‮)‬،‮ ‬حيث‮ ‬يتم‮ ‬تربية‮ ‬هؤلاء‮ ‬تربية‮ ‬راسخة‮ ‬على‮ ‬مبادىء‮ ‬الاسلام‮ ‬من‮ ‬حيث‮ ‬السلوك‮ ‬والجهاد،‮ ‬وكانوا‮ ‬يسمون‮ ‬أيضاً‮ ‬بجنود‮ ‬البكتاشية‮ ‬أو‮ ‬أبناء‮ ‬الحاج‮ ‬بكتاش‮ ‬نسبة‮ ‬لطاعتهم‮ ‬التامة‮ ‬لهذه‮ ‬الطريقة‮ ‬الصوفية،‮ ‬ومتى‮ ‬بلغوا‮ ‬السن‮ ‬المناسب‮ ‬للخدمة‮ ‬العسكرية‮ ‬كان‮ ‬يتم‮ ‬إدخالهم‮ ‬ضمن‮ ‬هذه‮ ‬الفرق،‮ ‬وكان‮ ‬الغرض‮ ‬من‮ ‬إنشاء‮ ‬الإنكشارية‮ ‬تشكيل‮ ‬جيش‮ ‬دائم‮ ‬وجاهز‮ ‬لإزدياد‮ ‬تبعات‮ ‬الجهاد‮ ‬والفتوحات.‮ ‬كانت‮ ‬قوات‮ ‬الانكشارية‮ ‬تقيم‮ ‬في‮ ‬ثكنات‮ ‬خاصة‮ ‬بهم‮ ‬ولفترة‮ ‬طويلة‮ ‬فرض‮ ‬عليهم‮ ‬عدم‮ ‬الزواج‮ ‬والاختلاط‮ ‬بالمجتمع‮ ‬وتم‮ ‬تلقينهم‮ ‬على‮ ‬خدمة‮ ‬الثالوث‮ "‬الاسلام،‮ ‬الأمة،‮ ‬السلطان‮" ‏‭ ‬انظر،‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ص‭ ‬ص35-36..‮ ‬إن‮ ‬ما‮ ‬يميز‮ ‬هذه‮ ‬القوات‮ ‬والفرق‮ ‬أنها‮ ‬الى‮ ‬جانب‮ ‬التدريب‮ ‬العسكري،‮ ‬كانت‮ ‬تتدرب‮ ‬على‮ ‬فن‮ ‬القيادة‮ ‬والادارة،‮ ‬لغرض‮ ‬تشكيل‮ ‬كوادر‮ ‬قيادية‮ ‬تتولى‮ ‬المناصب‮ ‬العسكرية‮ ‬والوظائف‮ ‬المدنية‮ ‬العليا،‮ ‬هذا‮ ‬التداخل‮ ‬بين‮ ‬الوظائف‮ ‬المدنية‮ ‬والعسكرية‮ ‬كان‮ ‬ظاهرة‮ ‬مميزة‮ ‬في‮ ‬تاريخ‮ ‬الدولة‮ ‬العثمانية انظر، موفق بني المرجة، صحوة الرجل المريض، مطابع دار الكويت للصحافة "الأنباء"، الكويت، 1984، ص40. . كل هذه العوامل السابقة جعلت من الانكشارية دكتاتورية عسكرية ومحتكرة للقوة الفعلية في السلطة المركزية ‏‭ ‬انظر،‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬مصدر‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬ص37.، وبعد القضاء على قوات الانكشارية في(26/6/1826) أثناء فترة حكم السلطان "محمود الثاني" (1808– 1839) بدأت محاولات إصلاح الجيش وتنظيمه على الطراز الاوروبي، وفتح المدارس والاكاديميات العسكرية، وارسال الطلاب الى خارج البلاد لغرض التدريب والتعليم الحديث وغيرها من الاصلاحات التي أدت الى رفع المستوى العسكري للضباط والجنود، واستمرت هذه المحاولات في عهد التنظيمات الذي بدأ بصدور المنشورين في عهد عبد المجيد الاول (1774-1789) "خط شريف كولخانه" عام (1839) و"خط شريف همايوني" عام (1856) ‏‭ ‬انظر،‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ص39.، وأدت هذه المرحلة الى ظهور كوادر عسكرية ثورية اصبحت تعِ الامور السياسية، من الضباط الذين تلقوا التعليم والتدريب الغربي داخل المدارس والاكاديميات التي بنيت على الطراز الحديث، ممن تأثروا بالافكار التحررية، والذي سيتشكل منهم قاعدة الحركة التحديثية في المستقبل ‏‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ص40.. ثالثاً- المؤسسة العسكرية التركية خلال عهد الجمهورية: اعتبرالجيش التركي محرراً وعناصره ابطالاً من قبل الشعب نظراً لإنتصاره في مقاومة التدخلات الأجنبية أثناء حرب الاستقلال، وقد زوّدتهم هذا العامل بالقاعدة الشرعية للقيام بتأيسس الجمهورية وتنفيذ الإصلاحات، وسيكون العسكر في المستقبل القريب أنفسهم الأداة التي ستقود الحركة التحديثية في تركيا وستتشكل منهم النخبة السياسية في الدولة الحديثة ‏‭ ‬انظر،‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ص50.. في ظل فترة رئاسة "مصطفى كمال اتاتورك"(1923-1938) جرت محاولات من قبله لتحييد الجيش عن السياسة حيث كان ذلك في نظره أحد أسباب هزيمة الجيش العثماني في الحرب العالمية الأولى بسبب انشغال الجيش بالسياسة وترك امور وظيفتهم العسكرية، لذلك خير الضباط بين البقاء في وظائفهم العسكرية أو الاستقالة وتولي مناصب مدنية، وفي كلا الحالتين سيظل كوادر المؤسسة العسكرية ماسكين بزمام السلطة السياسية، وإن كان الغرض من محاولات "مصطفى كمال اتاتورك" هذه هو إبعاد منافسيه عن المركز وضمان بقاء السلطة بيده ‭ ‬See,‭ ‬Birsen Hekimoglu,Turkiye`de askeri mudahalaler:bir aciklama modeli,doktora tezi,sosyal bilimler enstitusu,Istanbul yuniversitesi,1990,‭ ‬pp.76-123.‭ ‬and see,‭ ‬Gokhan Erdem,Turkiyede askeri darbeler ve yonetimlerin turk dis politikasina etkileri,yuksek lisans tezi,‭ ‬ulusal iliskileri anabilim dali,‭ ‬sosyal bilimler enstitusu,Ankara Yuniversitesi,Ankara,2002,pp.26.. في عام(1925) تم تأسيس "مجلس الشورى العسكري العالي"، الذي كان له صلاحية اتخاذ القرارات في الأمور السياسية والمالية والإدارية والعسكرية التي تخص الدفاع، وعملت كقوة مستقلة داخل بنية الدولة وكان يتألف من (11) عضواً معظمهم من العسكر، لذلك كان تأسيس هذا المجلس خطوة مهمة في دفع البيروقراطية العسكرية لأن تكون في موضع الوصاية على النظام وفي طريق الإستقلالية داخل المؤسسة، اضافة الى أن تسيير شؤون رئاسة أركان الحرب كان يتم بمعزل عن الحكومة، وخارج سيطرة البرلمان تماماً ‏‭ ‬انظر،‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬مصدر‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬ص‭ ‬ص57-58.. عليه فإنه طوال الفترة من(1923) وهو تاريخ تأسيس الجمهورية التركية وحتى العام (1945) الذي كان تاريخ سيطرة الحزب الواحد في هذا البلد، كان أغلب أعضائه من العسكر ذوي التوجه التحديثي العلماني الذين كانوا مهيمنين بصورة فعلية، كما أن التغيرات التحديثية الفعلية وأمر مواجهته وإزالة العقبات التي حاولت العناصر التقليدية وضعها في وجه هذه الحركة انما تحققت بفعل مساندة المؤسسة العسكرية وتأييدها، ان هذه المؤسسة في ظل العهد الجمهوري بدأ يجسد النظام السياسي الجديد المنبثق من طروحات وتوجهات مؤسسه "مصطفى كمال أتاتورك"، ولم يكن محاولاته في إبعاد الجيش عن السياسة سوى رغبة منه في التخلص من منافسيه من القادة العسكريين الذين بدأوا يعارضون سياساته الراديكالية، والنتيجة كانت ولادة دكتاتورية عسكرية ثلاثية تجسدت في شخصه ورفيقيه الاخرين "عصمت اينونو وفوزي جقمق" رئيس الاركان العامة ‏‭ ‬المصدر‭ ‬السابق،‭ ‬ص60.. لقد كان حصيلة مرحلة حكم هذه الدكتاتورية العسكرية وتأثيرها على المؤسسة العسكرية التركية أن أكسبتها بعض الخصائص التي تميزها عن غيرها من المؤسسات وهي كالتالي: أصبحت المؤسسة العسكرية في تركيا‏‭ ‬موضع‮ ‬ثقة‮ ‬المجتمع،‮ ‬فعندما‮ ‬يدخل‮ ‬البلد‮ ‬في‮ ‬أزمة‮ ‬سياسية‮ ‬يتشكل‮ ‬مطلب‮ ‬شعبي‮ ‬بتدخل‮ ‬المؤسسة‮ ‬العسكرية‮ ‬وحسم‮ ‬الامور،‮ ‬وربما‮ ‬يكون‮ ‬ذلك‮ ‬ايضاً‮ ‬بسبب‮ ‬انخفاض‮ ‬مستوى‮ ‬الثقافة‮ ‬الديمقراطية‮ ‬أو‮ ‬عدم‮ ‬نضجها. أضحت بمثابة مدرسة ومركز تعليم للشباب في البلد خاصة في المناطق المتخلفة منه. أصبحت مصدراً للحركات الإصلاحية والمبادر الرئيس لها منذ عهد التنظيمات (عهد السلطان عبد المجيد الأول). المؤسسة العسكرية تجد نفسها فوق المجتمع وتريد أن يعكس النظام والتربية العسكرية المنضبطة على البنية السياسية والاجتماعية أيضاً، فهي ترى ان المدنيين ونتيجة لمصالحهم الحزبية لا يفكرون كما يجب تجاه التهديدات التي يتعرض لها البلد See,‭ ‬Osman Metin Ozturk,‭ ‬Ordu ve politika,fark yayinlari,ikinci baski,Ankara،2006,‭ ‬pp.159-163.. تؤمن المؤسسة العسكرية التركية بالكماليزمية ‏‮ ‬الكماليزمية:‮ ‬يطلق‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬الفكر‮ ‬والمبادئ‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬اساساً‮ ‬في‮ ‬بناء‮ ‬الدولة‮ ‬التركية‮ ‬الحديثة‮ ‬وفي‮ ‬إدارة‮ ‬السياسة‮ ‬العامة‮ ‬لفترة‮ ‬معينة.‮ ‬لزيادة‮ ‬التفاصيل‮ ‬انظر، Kemal‮ ‬Ciftci,‮ ‬Turkiye‮ ‬dis‮ ‬siyasetin‮ ‬olusumunda‮ ‬siyasi‮ ‬kimlik‮ ‬algimalarinin‮ ‬etkisi,yayinlamiyan‮ ‬doktora‮ ‬tezi,‮ ‬Ankara‮ ‬yuniversitesi,‮ ‬2007,‮ ‬p.16.‮ ‬التي‮ ‬بنيت‮ ‬عليها‮ ‬الجمهورية‮ ‬التركية،‮ ‬ومن‮ ‬خلال‮ ‬التربية‮ ‬والتلقين‮ ‬المستمرين‮ ‬في‮ ‬عقول‮ ‬الاجيال‮ ‬الجديدة‮ ‬من‮ ‬العسكر،‮ ‬وتهيئتهم‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬الدفاع‮ ‬عنها‮ ‬في‮ ‬حال‮ ‬تعرض‮ ‬أي‮ ‬من‮ ‬مبادئ‮ ‬هذه‮ ‬الايديولوجية‮ ‬لما‮ ‬يعتبر‮ ‬في‮ ‬نظرهم‮ ‬أنه‮ ‬تهديد‮ ‬داخلي‮ ‬أو‮ ‬خارجي ‏‭ ‬انظر،‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬مصدر‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬ص‭ ‬61..‮ ‬وقد‮ ‬حدث‮ ‬ذلك‮ ‬بالفعل‮ ‬بأن‮ ‬تدخل‮ ‬العسكر‮ ‬في‮ ‬السياسة‮ ‬بصورة‮ ‬مباشرة‮ ‬عن‮ ‬طريق‮ ‬الانقلاب‮ ‬في‮ ‬السنوات‮ (‬1960‮ ‬و1980‮) ‬وما‮ ‬أتبعها‮ ‬من‮ ‬تدخلات‮ ‬غير‮ ‬مباشرة‮ ‬في‮ ‬السياسة‮ ‬في‮ ‬أعوام‮ (‬1971‮) ‬الذي‮ ‬سمي‮ ‬بانقلاب‮ ‬المذكرة‮ ‬و‮(‬1997‮) ‬التي‮ ‬أطلق‮ ‬عليها‮ ‬بالانقلاب‮ ‬الصامت‮ ‬و‮(‬2007‮) ‬والتي‮ ‬سمي‮ ‬بالانقلاب‮ ‬الألكتروني. من الجدير بالإشارة هنا، أن هذه الانقلابات من قبل المؤسسة العسكرية على السلطة المدنية في تركيا خلفت إجراءات ومؤسسات عزز من مكانة هذه المؤسسة داخل النظام السياسي التركي منها، مجلس الأمن القومي التركي(‏Milli Guvenlik Kurulu/MGK‮) ‬و‮ ‬جمعية‮ ‬التعاون‮ ‬العسكري‮ (‬Ordu Yardimlasma Kurulu/OYAK‮) ‬وتأسيس‮ ‬المحاكم‮ ‬العسكرية‮ ‬وربط‮ ‬جهاز‮ ‬الاستخبارات‮ ‬الوطنية‮ (‬Milli Istihbarat Teskilati/MIT‮) ‬بمجلس‮ ‬الأمن‮ ‬القومي‭ ‮ ‬التركي‮ ‬وربط‮ ‬رئاسة‮ ‬الأركان‮ ‬برئاسة‮ ‬الوزراء‮ ‬حيث‮ ‬أضحت‮ ‬بذلك‮ ‬مؤسسة‮ ‬أكثر‮ ‬استقلاليةً‮ ‬وقانون‮ ‬الخدمة‮ ‬الداخلية‮ ‬للجيش،‮ ‬بعض‮ ‬أحكام‮ ‬قانون‮ ‬الاحكام‮ ‬العرفية‮ ‬وقانون‮ ‬حالات‮ ‬الطوارئ‮ ‏‭ ‬انظر،‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬مصدر‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬ص‭ ‬ص68-70،‭ ‬153.. وحتى حزم الاصلاحات التي بدأت في عهد الحكومة الائتلافية برئاسة "بولند أجاويد" في (2002) واستمرت في ظل حكومات حزب العدالة والتنمية(‏AKP‮) ‬والذي‮ ‬كان‮ ‬قسم‮ ‬من‮ ‬هذه‮ ‬الاصلاحات‮ ‬تخص‮ ‬المؤسسة‮ ‬العسكرية،‮ ‬لم‮ ‬تؤدي‮ ‬الى‮ ‬تغيير‮ ‬فعلي‮ ‬في‮ ‬واقع‮ ‬التوازن‮ ‬بين‮ ‬العسكر‮ ‬والمدنيين‮ ‬ومكانة‮ ‬المؤسسة‮ ‬في‮ ‬النظام‮ ‬السياسي‮ ‬التركي ‏‭ ‬انظر،‭ ‬المصدر‭ ‬نفسه،‭ ‬ص‭ ‬ص158-161.،‮ ‬وإن‮ ‬بدا‮ ‬ما‮ ‬يحدث‮ ‬الآن‮ ‬من‮ ‬محاكمات‮ ‬لبعض‮ ‬رموز‮ ‬هذه‮ ‬المؤسسة‮ ‬السابقين‮ ‬في‮ ‬قضايا‮ ‬المحاولات‮ ‬الانقلابية‮ ‬والمنظمات‮ ‬السرية‮ ‬وخيانة‮ ‬الدولة‮ ‬وكأنه‮ ‬تحييد‮ ‬للجيش‮ ‬عن‮ ‬السياسة‮ ‬و‮ ‬وضع‮ ‬نهاية‮ ‬لدورها‮ ‬الإشرافي‮ ‬على‮ ‬الدولة،‮ ‬إلا‮ ‬أنه‮ ‬لا‮ ‬بد‮ ‬من‮ ‬الاقرار‮ ‬أنه‮ ‬مع‮ ‬ذلك‮ ‬لا‮ ‬تزال‮ ‬البنية‮ ‬الأساسية‮ ‬التي‮ ‬يستمد‮ ‬منها‮ ‬الجيش‮ ‬قوته‮ ‬باقية‮ ‬على‮ ‬وضعها‮ ‬السابق،‮ ‬كما‮ ‬أن‮ ‬المؤسسة‮ ‬العسكرية‮ ‬تتدخل‮ ‬يومياً‮ ‬في‮ ‬السياسة‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬تنفيذ‮ ‬مؤسسات‮ ‬الدولة‮ ‬لبنود‮ ‬وثيقة‮ ‬سياسة‮ ‬الأمن‮ ‬القومي‮ ‬التي‮ ‬يتم‮ ‬إقراره‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬مجلس‮ ‬الأمن‮ ‬القومي‮ ‬والذي‮ ‬يعمل‮ ‬الآن‮ ‬وفق‮ ‬الآلية‮ ‬التوافقية‮ ‬في‮ ‬تقرير‮ ‬الاستراتيجية‮ ‬القومية،‮ ‬فالنظام‮ ‬السياسي‮ ‬التركي‮ ‬بما‮ ‬يشمل‮ ‬من‮ ‬بنى‮ ‬وأدوار‮ ‬وما‮ ‬تم‮ ‬رسمه‮ ‬من‮ ‬أغراض‮ ‬وللعديد‮ ‬من‮ ‬الاسباب‮ ‬والعوامل‮ ‬كان‮ ‬قد‮ ‬تم‮ ‬صياغته‮ ‬بما‮ ‬يتفق‮ ‬ومصالح‮ ‬واغراض‮ ‬البيروقراطية‮ ‬العسكرية‮ ‬والمدنية،‮ ‬هذه‮ ‬البيروقراطية‮ ‬هي‮ ‬الطبقة‮ ‬الحاكمة‮ ‬في‮ ‬تركيا‮ ‬لحد‮ ‬الآن،‮ ‬وتتحرك‮ ‬هذه‮ ‬الطبقة‮ ‬وفق‮ ‬الإيديولوجية‮ ‬الكمالية‮ ‬التي‮ ‬تعتمد‮ ‬في‮ ‬التطبيق‮ ‬العملي،‮ ‬على‮ ‬المبادئ‮ ‬الستة‮ ( ‬الجمهورية،‮ ‬الدولتية‮ ‬،‮ ‬الشعبية،‮ ‬العلمانية،‮ ‬القومية،‮ ‬الثورية‮) ‬وهم‮ ‬يتمتعون‮ ‬بقدرة‮ ‬مذهلة‮ ‬وشروط‮ ‬مؤاتية‮ ‬لإدامة‮ ‬سيطرتهم‮ ‬على‮ ‬الحياة‮ ‬السياسية‮ ‬والاقتصادية ‏‭ ‬انظر‭ ‬وقارن،‭ ‬نشة‭ ‬دوزل،‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬محمد‭ ‬آلتان‭ ‬ممثل‭ ‬تيار‭ ‬الجمهورية‭ ‬الثانية‭ ‬في‭ ‬تركيا:‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬الأتاتوركية‭ ‬الى‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬ترجمة:بكر‭ ‬صدقي،جريدة‭ ‬راديكال‭ ‬التركية،13/8/2007.‭ ‬نقلاً‭ ‬عن،www.alawan.org‭ ‬. وبالرغم من صحة الرأي القائل بضرورة تغيير النظام السياسي في تركيا حتى تتخلص الديمقراطية فيها من عبأ المؤسسة العسكرية وأن الطريق لتحقيق ذلك هو اعتماد دستور مدني جديد، إلا أن ذلك ايضاً لن يجد نفعاً مادامت الطبقة الحاكمة في تركيا تتجسد في البيروقراطية العسكرية والمدنية وما يؤدي ذلك الى الاستنتاج بأن مشروع صياغة أي دستور مدني سوف لن تتجاوز هذه البيروقراطية من دون أن تمثل مصالحها نسبياً، لذلك ربما يكمن الحل في المحاولة لخلق توازن بين المؤسسات داخل النظام السياسي والقضاء على تداعيات الصراع والأزمة بين المؤسسات المختلفة في الدولة وعقلية الثأر في فترات القوة مع المضي قدماً في حركة الاصلاحات حتى تكتمل دورتها ‏‭ ‬انظر‭ ‬وقارن،‭ ‬دلشاد‭ ‬محمود‭ ‬صالح،‭ ‬مصدر‭ ‬سبق‭ ‬ذكره،‭ ‬ص166.. الخاتمة المدخل المؤسسي في تحليل النظم السياسية جاء كرد فعل للمنهج التاريخي من ناحية، والمثالي والقانوني من ناحية اخرى، إذ تم تجاوز الأبعاد القانونية والدستورية في دراسة النظم السياسية وحل محلها التركيز على دراسة الحقائق السياسية من مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية وما يرتبط بهم من وظائف واختصاصات، وتنحصر الدراسة هنا في اطار قانوني شكلي يتعلق بالدولة وأركانها وشكلها وأنواع الحكومات وأساليب اسناد السلطة، أي الدراسة تنصب على المؤسسات السياسية، والمؤسسة السياسية تعتبر الأهم من بين المؤسسات الاجتماعية التي نشأة بصورة مقصودة وعكست الارادة الجمعية لمنشئيها ومن ثم هي مجموعة القواعد والاجراءات التي تحكم الأعضاء المكلفين بتحقيق أدوار سياسية معينة داخلها على أن تكتسب الثبات والاستمرارية وتكون على درجة من التكيف مع المتغيرات، والاستقلالية في العمل والتصرف، والتعقيد في البنى والوظائف، والتماسك داخل المؤسسة، وبالرغم من تعرض المدخل للعديد من الانتقادات والتي كان اهمها عدم صلاحيته للتطبيق على النظم السياسية غير الغربية واغفال الأفراد داخل المؤسسات، إلا أنه وبعد التطورات التي حدث على المدخل ظل مفيداً في دراسة وتحليل المؤسسات السياسية ونظم الحكم ومكملاً لغيره من المداخل التحليلية للنظم السياسية. ومن خلال البحث في المؤسسة العسكرية التركية ومكانته ضمن النظام السياسي التركي تبين أن هذه المؤسسة يمتلك من الخصائص والمميزات ما يجعلها تتموضع في قمة الهرم المؤسسي داخل النظام السياسي التركي وبالرغم من محاولات زعزعة مكانتها والنجاح نسبياً في ذلك، إلا انها لا تزال مؤسسة فاعلة تتدخل في السياسة تارة وتلزم الصمت تارة أخرى لتأتي مرة أخرى وتضع النقاط على الحروف التي تريدها إن كان على صعيد السياسة الداخلية أو الخارجية. قائمة المصادر د. كمال المنوفي، نظريات النظم السياسية، وكالة المطبوعات، الكويت، 1990. د.عبد الرضا الطعاني ود.صادق الأسود، مدخل الى علم السياسة، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، مديرية مطبعة جامعة الموصل، 1986. د.صادق الأسود،علم الأجتماع السياسي،أسسه وأبعاده،جامعة بغداد، بغداد،1990. جيوفري روبرتس وآخرون، القاموس الحديث للتحليل السياسي، ترجمة:سمير عبد الرحيم الجبلي،الدار العربية للموسوعات، بيروت،1999.‮ الدكتور حسن شحاتة سعفان، اسس علم الاجتماع، الطبعة العاشرة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1975-1976. دلشاد محمود صالح، دور المؤسسة العسكرية في السياسة الداخلية التركية(1980-2002)، رسالة ماجستير غير منشور، جامعة صلاح الدين، كلية القانون والسياسة، اربيل، 2009. د.شيرزاد احمد النجار في شرحه مادة النظم السياسية لطلاب الدكتوراه، جامعة صلاح الدين، كلية القانون والسياسة، قسم العلوم السياسية، الكورس الأول، السنة الدراسية 2010-2011. غي هرميه وآخرون، معجم علم السياسة والمؤسسات السياسية، ترجمة: هيثم اللمع، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 2005. د.احمد ابو زيد، البناء الاجتماعي مدخل لدراسة المجتمع الأنساق، ط 3، الهيئة المصرية العامة للكتاب، الاسكندرية، 1979. ، السوسيولوجيا السياسة. ‏‭ ‬. رالف م.غولدمان، من الحرب إلى سياسة الأحزاب، التحول الحرج إلى السيطرة المدنية، ترجمة: فخري صالح، الدار الأهلية للنشر والتوزيع، عمان، 1996. د.نصر محمد عارف، إبستمولوجيا السياسة المقارنة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 2002. نشة دوزل، حوار مع محمد آلتان ممثل تيار الجمهورية الثانية في تركيا: الانتقال من الأتاتوركية الى الديمقراطية، ترجمة:بكر صدقي،جريدة راديكال التركية،13/8/2007. نقلاً عن،‏‭ ‬www.alawan.org‭ 19 موفق بني المرجة، صحوة الرجل المريض، مطابع دار الكويت للصحافة "الأنباء"، الكويت، 1984. جاك ووديز، الجيوش والسياسة، ترجمة: عبدالحميد عبدالله، مؤسسة الأبحاث العربية، مكان الطبع بلا،1982. د.رعد عبد الجليل مصطفى، محاضرات القي على طلاب الدكتوراه ضمن مقررات الكورس الأول، جامعة صلاح الدين-اربيل، كلية القانون والسياسة، قسم العلوم السياسية، السنة الدراسية2010-2011. International Encyclopedia of the social sciences,volumes 13 and 14,www. Encyclopedia.com Kemal Ciftci, Turkiye dis siyasetin olusumunda siyasi kimlik algimalarinin etkisi,yayinlamiyan doktora tezi, Ankara yuniversitesi, 2007. Osman Metin Ozturk, Ordu ve politika,fark yayinlari,ikinci baski,Ankara،2006. Birsen Hekimoglu,Turkiye`de askeri mudahalaler:bir aciklama modeli,doktora tezi,sosyal bilimler enstitusu,Istanbul yuniversitesi,1990. Gokhan‎‮ ‬Erdem,Turkiyede askeri darbeler ve yonetimlerin turk dis politikasina etkileri,yuksek lisans tezi,‭ ‬ulusal iliskileri anabilim dali,‭ ‬sosyal bilimler enstitusu,Ankara Yuniversitesi,Ankara,2002. المحتويات المقدمة القسم الأول: المنهج المؤسسي في تحليل النظام السياسي أولاً-مفهوم المؤسسة ثانياً-مفهوم المؤسسة السياسية ثالثاً-المنهج المؤسسي في تحليل النظام السياسي رابعاً-الانتقادات الموجهة الى المنهج المؤسسي القسم الثاني: المؤسسة العسكرية التركية أولاً-مفهوم المؤسسة العسكرية ثانياً- المؤسسة العسكرية التركية قبل تأسيس الجمهورية ثالثاً-المؤسسة العسكرية التركية خلال عهد الجمهورية الخاتمة PAGE \* MERGEFORMAT 17