بحر ايجه قبالة السواحل اليونانية
بحر ايجه قبالة السواحل اليونانية

برّأتَ محكمة ساموس اليونانية أمس الأربعاء الأب الأفغاني الذي فقد ابنه، البالغ من العمر خمس سنوات، خلال عبوره البحر على متن قارب مطاطي عام 2020. الرجل كان يواجه عقوبات بالسجن تصل إلى عشرة أعوام "لتعريض حياة طفله للخطر". وأصدرت المحكمة قرارا بسجن شاب آخر لمدة 17 شهرا مع وقف التنفيذ، بعد أن اتهمته بقيادة القارب وتعريض حياة الأشخاص لخطر.

بعد عامين على بدء الإجراءات القضائية، قررت محكمة ساموس اليونانية أخيرا تبرئة الأب الأفغاني ناندر، الذي كان يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى عشرة سنوات بتهمة غير مسبوقة وجهها القضاء إليه منذ حوالي عامين.


في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 2020، قرر ناندر خوض رحلة عبور البحر من تركيا إلى اليونان. صعد برفقة ابنه الذي كان يبلغ من العمر خمسة أعوام مع 23 شخصا آخرين على متن قارب مطاطي. لكن الرياح جرت بما لا تشتهي السفن، وتعرض القارب لحادث أدى إلى انقلابه قبالة جزيرة ساموس اليونانية، حيث ارتطم بصخور الشاطئ.

نجا ناندر من الحادث لكنه فقد ابنه، وبعد ساعات عُثر على جثة الطفل.

أوقفت السلطات اليونانية الأب، ورافقته في اليوم التالي للتعرف على جثة ابنه في مشرحة المدينة. لكن في سابقة من نوعها، وجه القضاء تهمة تعريض حياة شخص للخطر بحق ناندر، حيث كان يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى عشرة أعوام. لكن أصدرت المحكمة أمس الأربعاء 18 أيار/مايو قرارا يقضي بتبرئة ناندر البالغ من العمر 25 عاما.

السلطات كانت أوقفت أيضا رجلا آخر يدعى حسن كان يتولى قيادة القارب، وكان يواجه أحكاما بالسجن المؤبد لوفاة الطفل البالغ من العمر خمس سنوات، بالإضافة إلى عقوبة تصل إلى 230 عاما في السجن لتهديد حياة 23 شخصا (عشرة أعوام عن كل شخص).

المحكمة أصدرت حكمها أيضا أمس الأربعاء بحق حسن، لكنها لم تتهمه بتهريب البشر، وحكمته أخيرا بالسجن لمدة 17 شهرا مع وقف التنفيذ.

للمزيد>>> اليونان تتهم عاملين في منظمات غير حكومية بتسهيل دخول مهاجرين غير شرعيين إلى البلاد

 "كبش فداء"

الشاب ناندر هو أول طالب لجوء توجه إليه اتهامات بكونه المسؤول عن وفاة ابنه، في حين أن "كل ما أراده هو نقل طفله إلى بر الأمان"، بحسب منظمات حقوقية ترى أن اليونان تتخذ هذه القرارات لإخافة طالبي اللجوء. واعتبرت جوليا وينكلر، الناشطة في منظمة "borderline-europe" غير الحكومية أنه "لا يمكن النظر إلى هذه الاعتقالات إلا على أنها محاولة منهجية لردع الناس عن دخول البلاد". منتقدة السلطات اليونانية التي تجعل من طالبي اللجوء "كبش فداء لمآسي ركوب الزوارق التي هي في الواقع نتيجة حتمية" لسياسة إغلاق الحدود التي تنتهجها أوروبا.

وكان الناجون من الحادث أفادوا بأنه بعد تعرض قاربهم لصعوبات في الإبحار أطلقوا نداء استغاثة، وأنهم رأوا أضواء مركب يُعتقد أنه يتبع لخفر السواحل اليوناني على مقربة منهم، لكنه لم يقدم لهم أي مساعدة وابتعد عنهم.

وكان الناشط طارق الأوس نشر سلسلة تغريدات ندد بها بتعامل السلطات مع الأب وقال "الجريمة الحقيقية هي النظام العنصري في الاتحاد الأوروبي، يليه رؤية خفر السواحل نداء استغاثة والابتعاد. نتضامن بشكل كامل مع حسن ون. ونطالب بإسقاط جميع التهم".


جئت إلى هنا من أجل مستقبل ابني

لا يستوعب ناندر قرار المحاكمة التي يواجهها، وقال في مقابلة مع قناة الجزيرة "لست وحدي. هناك الكثير من الأشخاص الذين فقدوا عائلاتهم وأبنائهم وزوجاتهم [في طريقهم إلى اليونان]. "ما الذي يمكنهم إثباته؟ أن الحادث وقع لنا؟".

وأضاف "جئت إلى هنا من أجل مستقبل ابني"، مستذكراً المرات العديدة التي سأله فيها ابنه متى يمكنه الذهاب إلى المدرسة. وكان ناندر حصل على رفض لطلب لجوئه مرتين في تركيا.


ومع أن المسافة الفاصلة بين البلدين صغيرة نسبيا، إلا أن الرحلة تعد خطرة للغاية، خصوصا وأن المهربين يعمدون إلى تزويد المهاجرين بقوارب وزوارق غير مناسبة للإبحار في تلك المناطق، ما يؤدي بها للتعطل والانقلاب.

وتوقف السلطات اليونانية عادة من يقودون القوارب، لكنها وللمرة الأولى أوقفت والد طفل قضى نتيجة تلك الرحلة.

جوسي نوتون، مؤسس إحدى المنظمات غير الحكومية العاملة مع المهاجرين على الجزر اليونانية، قال سابقا "الاتهامات التي وجهتها السلطات لوالد الطفل غير مقبولة وهي اعتداء على الحق باللجوء. من المشين أن نرى والدا مفجوعا بخسارة ابنه، يحاكم لأنه أراد تأمين حياة أفضل له ولابنه".

وأضاف "تجريم الأشخاص الباحثين عن الأمن والحماية يظهر فشل الاتحاد الأوروبي في إيجاد حلول لطرق الهجرة غير الآمنة، التي يضطر الآلاف للمخاطرة بحياتهم وسلوكها بحثا عن الحماية".

ويقبع نحو ألفي طالب لجوء في السجون اليونانية بتهمة تهريب المهاجرين غير الشرعيين. وصدرت أحكام قاسية بحقهم عقب إدانتهم بقيادة الزوارق التي كانوا على متنها عندما وصلوا إلى السواحل اليونانية. إذ يمثّل المهاجرون المحكومون ثاني أكبر فئة من السجناء في اليونان حاليا، ما دفع المنظمات غير الحكومية إلى انتقاد إجراءات ملاحقة المهاجرين قضائيا، والقول إنها ترمي إلى ردع من يحاولون القدوم إلى الجزر اليونانية انطلاقا من تركيا عبر بحر إيجه.

 

للمزيد